موقف الكنيسة المارونية من حركة يوسف كرم في ضوء وثائق بكركي (1860-1867)
محتوى المقالة الرئيسي
الملخص
لم يكن للكنيسة المارونية في جبل لبنان أهمية كبيرة لدى سياسيي ورجال الحكم قبيل نهاية القرن الثامن عشر، وانحصر اهتمامها بالشؤون الدينية ورعاية مصالح رعاياها حتى إن بطاركة الموارنة لم يُعترف بهم من قبل الباب العالي كما حصل مع بطاركة الروم الارثوذكس، ويمكن القول إن الظهور السياسي للكنيسة المارونية بدأ في نهاية القرن الثامن عشر عندما تلقى البطريك يوسف التيان رسالة من نابليون بونابرت خلال حصاره لمدينة عكا عام 1799، وأخذت الأهمية تلك بالازدياد كلما ازدادت مشاكل جبل لبنان حتى أصبحت باباً من أبواب الحل والعقد في ثلاثينيات وأربعينيات القرن التاسع عشر تزامناً مع الحوادث التي شهدتها سوريا بشكل عام وجبل لبنان بشكل خاص من فتن سياسية ودينية، وكان للفتنة الطائفية التي شهدتها المناطق تلك عام 1860 قد عززت دور الكنيسة المارونية وأصبح من المحال تجاهلها وعدم الأخذ بآرائها؛ ولاسيما أنها كانت جزءاً من الحوادث التي شهدها جبل لبنان في ستينيات القرن التاسع عشر التي تمثلت بحركة يوسف كرم .
وعلى الرغم من تصدي المؤرخين والباحثين الى دراسة الكنيسة المارونية ودورها في التطورات التي شهدها جبل لبنان إلا أنها خلت من دراسة تعرضت الى موقف الكنيسة تلك من حركة يوسف كرم (1860-1867) ومعارضته للنظام الذي أُنشأ هناك عام 1861، ولهذا رأى الباحث ضرورة تسليط الضوء على موقف الكنيسة المارونية من الحركة تلك والتقلبات السياسية التي رافقتها بين مؤيد ومعارض، والنتائج التي انتهى اليه الموقف ذلك.
اعتمد البحث الوثائق غير المنشورة المحفوظة في أرشيف الكنيسة المارونية وأشار اليها الباحث اختصاراً ب ((وثائق بكركي)) وغطت الجزء الاكبر من البحث، فضلاً عن الوثائق الدبلوماسية والقنصلية باللغة الفرنسية ((Documents diplomatiqes it consalairel relatifs a histoire du liban by Adel Ismail, Bayrouth , 1975-1978.)) ، واعتمد البحث أيضًا على مجموعة من المصادر والمراجع كتاريخ لبنان في عهد المتصرفية لاحمد طربين ولبنان ويوسف كرم لاسطيفان البشعلاني .