المناظرات والجدل في الفكر الإسلامي مناظرات الإمام الصادق (عليه السلام) إنموذجا

الملخص

المناظرة هي محاورة بين فريقين حول موضوع ما لكل من المتناظرين وجهة نظر فيه تخالف وجهة نظر خصمه, الهدف منها اظهار الحق, ولم تكن المناظرة علماً مدوناً يدرس في بداية صدر الاسلام, حيث لم تكن الحاجة لدراسة هذا العلم لسلامة الفطرة واللغة العربية انذاك, ولكن لكثرة الفتوحات الاسلامية, وانتشار الاسلام تداخلت مع اللغة العربية لغات اخرى احتاج الناس الى قواعد يلتزم بها المتباحثان, فأصبح التدوين في هذا العلم من الحاجات الضرورية الملحة, ومن أجل الدفاع عن الدين, والشريعة بات من الضروري تعلم فنون الجدل والمناظرة فكان أول من ميز هذه القواعد, وجعلها علماً مستقلاً, وصنف فيها ركن الدين العميدي الحنفي صاحب كتاب الإرشاد, وقد أثبت العلماء أن دراسة هذا العلم هو الوجوب الكفائي إذا قام به بعض العلماء سقط  عن الباقين, كما تطرقنا في أثناء البحث لهذا العلم, وآداب, وقواعد خاصة يجب أن يلتزمها المتناظران بعيداً عن التشنج والتحزب

والطائفية, لأنه هو في الأصل تعاون بين الفريقين المتناظرين من أجل معرفة الحقيقة, وقد راجت هذه المناظرات في عهد الإمامين الصادقين محمد الباقر وجعفر الصادق (سلام الله عليهما) على الرغم من تاريخها العميق حيث بدأت في عهد رسول الله (صلى الله عليه واله) والأئمة من بعده (عليهم السلام) الى أن وصلت الى عهد الامامين الصادقين فكان أوج عظمتها في عهد الامام الصادق (عليه السلام) حيث كان يجلس للعامة والخاصة يأتيه الناس من كل الاقطار يسألونه عن الحلال والحرام, وعن تأويل القرآن, فكان لا يخرج منهم احد إلا راضٍ, وقد واجه الامام ( عليه السلام) جميع التيارات المنحرفة, والافكار العقائدية السائدة في عصره مثل الزندقة, والغلو, والاعتزال, والجبر, والرأي, وما ينتج عن هذه التيارات من الفهم الخاطئ للشريعة, فقام بمواجهتها, ومناقشتها بعدة أساليب حتى استفرغها من محتواها حفاظاً على الدين الحنيف, ومن أجل أن نتعلم من هذه المدرسة العظيمة, ونتيجة لأهمية علم المناظرات والجدل بحثنا في هذا الموضوع نسأل الله تعالى القبول ولأخوتنا القراء الكرام الفائدة.